القائمة

أخبار

 عبد العزيز العدناني.. شاب مغربي اعتلى قمة امسفران بساق واحدة

لم يترك عبد العزيز العدناني إعاقته تقف عائقا أمام تحقيق أحلامه وطموحاته، وتمكن بفضل إصراره من الوصول إلى قمة جبل كاتدرال (إمسفران) ويخطط في الوقت الحالي لتكرار هذه المغامرة وصعود قمم أخرى

 
نشر
DR
مدة القراءة: 4'

عبد العزيز العدناني شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم يندبوا حظهم على ما أصابهم، وتعايش مع إعاقته لمواصلة حياته بشكل طبيعي، بل وخاض مغامرات محفوفة بالمخاطر. في فبراير من هذه السنة تمكن هذا الشاب المنحدر من مدينة الدار البيضاء من تسلق جبل إمسفران الذي يبلغ طوله 1868 متر ويقع نواحي مدينة بني ملال. وهي مغامرة يمكن أن تبدو عادية في نظر البعض، غير أنها تبقى بعيدة المنال بالنسبة لشخص فقد ساقه وهو في سن الرابعة.

ويحكي هذا الشاب البالغ من العمر 26 سنة، لحظات اجتيازه هذه المغامرة، والتي جاءت بمحض الصدفة ودون تخطيط مسبق قائلا "تعود الفكرة لصديقين لي، عرضا علي الذهاب في رحلة إلى إمسفران، دون أن يخبراني أننا سنصعد للقمة، كنت أعتقد أننا سنقوم بالتخييم هناك لا أقل ولا أكثر، إلى أن وصلنا وإذا بي أتفاجئ بهما في اليوم الموالي وهما يقولاني لي هل أنت مستعد؟".

كان عبد العزيز يعتقد أنهما يمزحان معه "شعرت بالخوف لأنني لم أكن مستعدا لذلك، حتى الحذاء الذي كنت أرتديه لم يكن مناسبا لتسلق الجبال، في الحقيقة لم أكن أعلم ما الذي كان ينتظرني" ورغم أن الفكرة "مجنونة" إلا أن صديقاه نجحا في إقناعه وقبل التحدي وقال "سبق لهما أن صعدا هذه القمة مرات عديدة، لذا لم يكن الأمر يعني لهما الكثير، كانا يرغبان في أن أعيش أنا هذه التجربة، خططا لكل شيء من أجلي".

طيلة حديثنا مع عبد العزيز عن اللحظات التي عاشها خلال هذه الرحلة، وضحكته لا تفارقه "صحيح أنها كانت لحظات ممتعة، لكن صعبة في نفس الوقت، بعد ساعة من انطلاقنا، بدأت أشعر بألم شديد على مستوى الظهر، وأيضا في ساقي الطبيعية ولم أستطع مواصلة طريقي" لكن لم يفكر في الاستسلام، رغم وقوعه أرضا عدة مرات.

 وقال "في كل مرة كان صديقاي يشعران أنني غير قادر على مواصلة الطريق، كانا يقولان لي: لم يتبق الكثير، بضع دقائق فقط ونصل، وفي الحقيقة لم نكن قد قطعنا نصف الطريق"، وبالفعل لم يصلوا إلى القمة إلا بعد 6 ساعات.

ورغم كل المتاعب التي واجهها، إلا أن وصوله إلى أعلى القمة، كان كفيلا بأن ينسيه كل ما مر به "كان إحساسا رائعا جدا. نظرت من أعلى القمة إلى الأسفل وقلت لنفسي، أفعلتها حقا؟ ففور وصولي سحبت ساقي الاصطناعية وأخذت صورة وأنا أضمها، كأنها شخص عزيز على قلبي، فلولاها لما وصلت إلى هناك".

وتأتي مرحلة الهبوط من القمة، وهي المرحلة التي "يصفها الأشخاص العاديون، بالأسهل، لكن ليس بالنسبة لي فالأمر مشابه تماما للصعود، بسبب المنحدرات التي تتطلب مني تركيزا كبيرا، أي خطأ بسيط، كان من الممكن أن يودي بي إلى الهاوية".

وكما نجح في الصعود نجح عبد العزيز في الهبوط أيضا، ما أعطاه الحماس للمضي قدما في هذه المغامرة، وتسلق قمم جديدة، وهذه المرة لن تكون صدفة، إذ يعتزم هذا المغامر وضع خطة لذلك، وقال "سأبدأ بالقمم السهلة إلى أن أعتاد على الأمر وأغير وجهتي إلى القمم العالية". وأضاف قائلا "لم يكن والداي على علم برحلة إمسفران لأنني لو أخبرتهم لما وافقوا عليها، أمي علمت بها بعد انتشار صوري على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت سعيدة، أما أبي فلم أجرأ قط أن أريه الصور"

خوف والديه عليه بدأ وهو في سن الرابعة ولازال إلى غاية اليوم رغم أنه في العقد الثالث من عمره. هنا عاد بنا عبد العزيز بالذاكرة إلى سنة 1999، سنة وقوع الحادثة التي تسببت في بثر ساقه اليسرى، في هذه المرحلة من الحديث، تغيرت نبرة صوته، وفارقتنا ضحكته وقال "كنت في انتظار الحافلة أنا وأمي، لكن فور وصولها تحرك السائق أثناء صعودنا، وسقطنا أنا وأمي أرضا، ودهست الحافلة ساقي" ونقل بعدها إلى المستشفى " وتم بتره ساقه على الفور".

الحالة الاجتماعية لعائلة عبد العزيز لم تسمح لها بتحمل مصاريف شراء ساق اصطناعية، لكن بفضل تدخل أحد المحسنين حصل عليها وقال "لا نعرف هذا الشخص ولا زلت ليومنا هذا أجهل من يكون، لكنني ممتن له كثيرا". كما أن عبد العزيز لم يحصل على أي تعويض عن الحادثة لحد الآن.

وفي هذه الفترة من حياته بدأ عبد العزيز يجد صعوبة في الاندماج، وقال "كان يتم إقصائي من مجموعة من الأنشطة" وواصل "كنت أرى نفسي انني شخص طبيعي ولي الحق في ذلك. أصعب شيء أن تنعزل عن العالم، لذا لم أسمح لنفسي أن أقع في هذا الفخ". ويحمل عبد العزيز جزء من المسؤولية للآباء الذين دائما ما يتسبب خوفهم على أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة في حرمانهم من عيش حياتهم بشكل طبيعي.

"بدافع الخوف ونظرة المجتمع لي، حرمت من أبسط الأشياء على سبيل المثال ارتداء صندال أو سروال قصير، لم أتمكن من ذلك إلا عند بلوغي 22 سنة.

عبد العزيز العدناني

ويعيش عبد العزيز معاناة من نوع آخر، بسبب عدم حصوله على عمل قار "لدي دبلوم في الجرافيك وكنت من الأوائل في المدرسة، لكن حين تتم دعوتي لإجراء مقابلة عمل، يبقى السؤال الشائع، وهو الذي يتكرر في كل مقابلة: لاحظنا لدى دخولك أنك تجد صعوبة في المشي، هل تعاني من أية إصابة؟ وعندما أجيبهم أنني من ذوي الاحتياجات الخاصة، أرى تلك النظرة التي تخبرني كل شيء: إنس الأمر لن يتم توظيفك" ويقتصر عبد العزبز على العمل من وقت لآخر بشكل مستقل.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال