القائمة

أخبار

المغرب والألعاب الأولمبية.. أول ميدالية وانسحاب بسبب المواقف السياسية

شارك المغرب لأول مرة في الألعاب الأولمبية سنة 1960 بروما، وأحرز خلالها العداء راضي بن عبد السلام أول ميدالية للمملكة، وغاب الرياضيون المغاربة بعد ذلك عن منصات التتويج إلى غاية 1984، فيما كانت المواقف السياسية وراء انسحاب المغرب من دورتين، كما قرر المنتخب المغربي الأولمبي لكرة القدم سنة 1968 الانسحاب من دورة مكسيكو بعدما أوقعته القرعة إلى جانب إسرائيل.

نشر
DR
مدة القراءة: 6'

بعد ثلاث سنوات من استقلال المغرب، بعث وزير التعليم المغربي آنذاك عبد الكريم بنجلون التويمي، برقية إلى مقر اللجنة الأولمبية الدولية ليخبرها بإنشاء اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية (CNOM)، التي وضعت تحت الرئاسة الفعلية للملك الراحل الحسن الثاني الذي كان وليا العهد آنذاك.

وتكونت اللجنة التوجيهية الأولى للجنة الوطنية الأولمبية المغربية من شخصيات رمزية أعطت لهذه المؤسسة الجديدة طابع وشرعية، من بينهم الحاج محمد بنجلون (النائب الأول للرئيس)، وكذلك محمد بنهيمة، ومعطي بوعبيد (وزير العمل والشؤون الاجتماعية المغربي آنذاك)، وعمر بوشتة، ومحمد مجيد، ومحمد بلحسن تونسي الملقب بيري جيغو، أحد أساطير كرة القدم المغربية.

على إثر الطلب الذي وجهته اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية إلى اللجنة الأولمبية الدولية والصادر في 5 ماي 1959 ، صادقت الدورة العادية الخامسة والخمسين للجنة الأولمبية الدولية التي عقدت في ميونيخ في 25 ماي من نفس العام، على إدماج المغرب في الأسرة الأولمبية، على غرار السودان، روديسيا، وألبانيا، ونيكاراغوا، والإكوادور، وسورينام وسان مارينو.

ولعب محمد بنجلون (25 يناير 1912- 20 شتنبر 1997) دورا كبيرا في تأسيس اللجنة الأولمبية المغربية. وكان بنجلون رياضا مولوعا إذ مارس في شبابه ألعاب القوى، وكرة القدم ، وكرة السلة ، وكرة اليد ، وكذلك السباحة. كما أنه كان عضوا مؤسسا لفريق الوداد الرياضي سنة 1937، وأصبح أول رئيس الجامعة الملكية المغربية للرجبي الذي تم إنشائها عام 1956.

وأصبح عضوا في اللجنة الأولمبية الدولية عام 1961 في أثينا و كان مديرًا لدورة الألعاب العربية لعام 1961، و انضم أيضًا إلى اللجنة المعونة الأوليمبية (1962-1963) و اللجنة الثقافية (1989-1990) لللجنة الأولمبية الدولية.

الميدالية الأولى

كانت الألعاب الأولمبية التي نظمت بالعاصمة الإيطالية روما سنة 1960 شاهدة على أول مشاركة للمغرب في هذه الألعاب، حيث سجل حضوره بعشر أنواع رياضية. وكانت باكورة هذه المشاركة ميدالية فضية أحرزها الراحل راضي بن عبد السلام في سباق الماراثون.

ولد راضي بن عبد السلام المتخصص في سباق المسافات الطويلة، في 28 فبراير 1929 في تاونات، والتحق بصفوف الجيش الفرنسي، حيث كان المغرب تحت الحماية آنذاك، وقضى جزءً كبيرًا من حياته في مدينة ديجون الفرنسية، في فوج المشاة المغربي الخامس ثم في فوج المشاة الخامس والعشرين.

خلال تلك الفترة، اكتشف الفرنسيون أنه يستطيع الركض لمسافات طويلة وتمت دعوته للمشاركة في العديد من المسابقات، ليطلق عليه لقب "نجم 5 كلومترات" بعد حصوله على عدد كبير من الميداليات والجوائز. وفتحت له الأبواب للمشاركة في عدة فعاليات دولية، مثل فيها فرنسا، دون أن يكون له الحق في تمثيل بلده المغرب، الذي كان لا يزال تحت الحماية الفرنسية. وبعد استقلال المغرب عام 1956، لم يتمكن من المشاركة في الألعاب الأولمبية في ملبورن بأستراليا التي نظمت في نفس السنة.

وفي عام 1960، رأى العداء المغربي حلمه يتحقق، خلال الألعاب الأولمبية في روما، التي سافر إليها بمفرده دون أي معدات أو مدربين، ومع ذلك تمكن من الفوز بأول ميدالية أولمبية لبلاده في سباق المراثون.

فبعد 16 يوما من المنافسة، لم ينجح أي رياضي مغربي بالفوز بأي جائزة أولمبية، وكان العداء المغربي هو الأمل الأخير لبلد بأكمله. وعلى أرضية المضمار، واجه المغربي الإثيوبي أبيبي بيكيلا، الذي نبهه "مدربه من رياضي يرتدي الرقم 26".

كان أبيبي بيكيلا حافي القدمين، ووراءه رياضي آخر يرتدي الرقم 185، وفي كل مرة كان الإثيوبي يدير رأسه لتفقد منافسه، دون أن يدرك أن الشخص الذي رافقه لعدة كيلومترات كان ذكيًا لدرجة أنه اضطر إلى تغيير رقمه.

على بعد 500 متر من نهاية السباق، زاد بيكيلا في السرعة واحتل المركز الأول في هذا الماراثون التاريخي، وجاء عبد السلام راضي في المركز الثاني ليمنح المغرب المستقل حديثا ميدالية فضية أولمبية هي الأولى في تاريخه. وسطع نجم العداءان الإفريقيان، بأداء استثنائي في ذلك الوقت (2:15:16 لبكيلا و 2:15:17 للرادي).

وبعد عقود تعرض عبد السلام لوعكة صحية، جعلته طريح الفراش وكان "فقيرًا لدرجة أن زوجته بدأت تبيع ممتلكاتها للحصول على الدواء" بل ذهبت إلى حد بيع ميداليته الأولمبية"، واضطر حينها اتحاد رياضي للتدخل من أجل استعادة الميدالية الأولمبية من المشتري. وفي 4 أكتوبر 2000 توفي العداء المغربي بمدينة فاس.

غياب عن منصات التتويج

وبقيت الميدالية الأولمبية لراضي بن عبد السلام، الوحيدة في خزانة المغرب، لمدة 24 عاما، إذ فشل المشاركون المغاربة في الألعاب الأولمبية التي نظمت بعد ذلك في صعود منصات التتويج، إلى غاية أولمبياد لوس أنجليس 1984، حين أحدث سعيد عويطة ونوال المتوكل ضجة كبيرة في الألعاب الأولمبية بفوزهما على التوالي بميداليتين ذهبيتين في سباق 5000 متر و400 متر حواجز سيدات

وبفضل هاتين الذهبيتين حل المغرب في هذه الدورة في المرتبة 18 في الترتيب النهائي بين 140 دولة مشاركة.

وقبل ألعاب 1984، كان المغرب قد انسحب من دورتين للألعاب الأولمبية. ففي دورة مونتريال 1976 قررت أكثر من 20 دولة إفريقية وعربية من بينها المغرب المقاطعة والانسحاب من المنافسات، احتجاجا على مشاركة نيوزيلندا، إذ قام منتخبها للركبي بجولة في جنوب إفريقيا التي كانت مستبعدة من الأنشطة الدولية بسبب نظام الفصل العنصري.

آنذاك انسحبت بعض الوفود قبل انطلاق المنافسات، فيما غادرت أخرى المنافسات بعض مشاركتها في الأيام الأولى مثل حالة المغرب، الذي كان من المنتظر أن يشارك في هذه الدورة بتسع رياضيين فقط، في نوعين رياضيين هما الملاكمة والمصارعة.

وفي الدورة التي تلتها، والتي نظمت بعاصمة الاتحاد السوفياتي موسكو سنة 1980، قررت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها مقاطعة الألعاب، وذلك ردا على الحرب السوفياتية في أفغانستان. ولم تشارك 65 دولة في الأولمبياد بما فيها المغرب.

وفي دورة الألعاب الأولمبية لسنة 1968 التي أقيمت في مدينة مكسيكو المكسيكية، فضل المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم، عدم المشاركة، دعما للقضية الفلسطينية، بعدما أوقعته القرعة إلى جانب إسرائيل و هنغاريا، السلفادور. وتم تعويض أشبال الأطلس بالمنتخب الغاني.

مشاركة كبيرة في أولمبياد باريس 2024

ومن المنتظر أن يشارك المغرب في أولمبياد باريس الذي سينظم من 26 يوليو إلى 11 غشت ببعثة تضم 60 رياضيا في 19 رياضة، من بينها كرة القدم وألعاب القوى والملاكمة والجودو والتجديف والفروسية والكرة الطائرة والترايثلون والرماية والجولف والتايكواندو والدراجات.

وعلى مدى الدورات السابقة، أحرز الرياضيون المغاربة 24 ميدالية، منها 7 ذهبيات وخمس فضيات و12 برونزية.

وتربعت ألعاب القوى على صدارة التتويجات المغربية الأولمبية بـ20 ميدالية، من بينها سبع ميداليات ذهبية وخمس فضيات وثماني برونزيات.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال