القائمة

أخبار

"مول الكرة" موهبة مغربية ترافق أجواء كأس العرب بعروض فريستايل

في جبال الريف، بدأت علاقة محمد البزازي بكرة القدم في ظروف بسيطة وإمكانيات محدودة. لعب في الحي، وتعلّم من المشاهدة والتقليد، قبل أن يشق طريقه تدريجيا نحو عالم الفريستايل. مسار بني بالصبر والعمل الذاتي، قاده اليوم إلى تقديم عروض أمام الجماهير خلال كأس العرب المنظمة بقطر.

نشر مدة القراءة: 4'
"مول الكرة"  موهبة مغربية ترافق أجواء كأس العرب بعروض فريستايل
DR

 لم تكن طفولة محمد البزازي مختلفة عن كثير من أطفال المناطق الجبلية بالمغرب، حيث كان شغوفا بكرة القدم. في قبيلة غزاوة الواقعة بين وزان وشفشاون، وفي غياب الملاعب والنوادي، تعلّم أن يصنع مساره بإمكانيات محدودة.

في أزقة الحي، اعتاد محمد وهو طفل صغير على مشاهدة، رونالدينيو ونيمار ولاعبين آخرين في مقاطع فيديو على هواتف بعض أبناء جيرانه الأكبر سنا، الذين كانوا الوحيدين الذين يمتلكون هواتف آنذاك. يراقب حركاتهم، يحفظ تفاصيلها، ويحلم بأن يكون يوما مثلهم.

لكن الواقع كان قاسيا، إذ أن المنطقة التي نشأ فيها لم تكن توفر أي بنية رياضية، كما أن مساره الدراسي توقف مبكرا. بعد إنهائه السنة السادسة ابتدائي، اضطر محمد إلى مغادرة مقاعد الدراسة، إذ كانت الإعدادية بعيدة جدا عن المنطقة، وكان الالتحاق بها يتطلب السكن خارج الدوار، وهو أمر لم يكن ممكنا.  ويحكي خلال حديثه مع يابلادي قائلا "توفي والدي وأنا في الثالثة من عمري، لتتحمل والدتي وحدها عبء إعالتي، ما جعل الاستمرار في الدراسة صعبا في ظل الظروف الاجتماعية والمادية".

موهبة صُنعت بالإصرار والعمل الذاتي

في سن صغيرة، خرج محمد إلى سوق الشغل، متنقلا بين مجموعة من المهن الحرة، دون أن يتخلى عن شغفه بكرة القدم. وقال مبتسما "كانت الكرة رفيقتي الدائمة". منذ طفولته، اعتاد تقليد كل حركة يؤديها اللاعبون في الفيديوهات والمباريات. تعلم الكثير من المشاهدة، لكن التحول الحقيقي بدأ حين نزل إلى أرض الواقع، هناك أدرك أن التطبيق هو الأساس.

كان يتدرب لساعات طويلة، وأحيانا من أربع إلى ست ساعات متواصلة دون توقف، إلى أن بدأ يصقل موهبته ويضيف لمساته الخاصة. شيئا فشيئا، لم يعد يكتفي بلعب الكرة، بل بدأ في تقليد الحركات التقنية التي يشتهر بها اللاعبون الدوليون، ومن هنا دخل عالم “الفريستايل”، حيث وجد فضاء أوسع للتعبير عن موهبته.

عمل محمد الذي يلقب بـ "مول الكرة" على تطوير نفسه باستمرار، إلى أن انتقل من التدريب الفردي إلى تقديم عروض أمام الجمهور، في أماكن مختلفة. كانت تلك أولى خطواته نحو الاحتراف، رغم بساطة الإمكانيات.

" في المغرب كنت أتلقى عروضا لتقديم هوايتي بشكل مجاني، وأحيانا مقابل مبالغ زهيدة جدا لا تتجاوز 100 درهم، في حين كنت أخسر أكثر مما أربح، خاصة عند التنقل من مدينة إلى أخرى"

محمد البزازي

حضور مغربي في محيط ملاعب كأس العرب

في بداية سنة 2024، تلقى عرض عمل في تركيا، لتقديم عروض فريستايل داخل فضاءات ترفيهية. هناك، كانت التجربة مختلفة. أمام جمهور واسع ومن جنسيات متعددة، صقل موهبته أكثر، وقدم كل ما تعلمه خلال مسار استمر سبعة أشهر. تجربة يعتبرها الأهم في مسيرته، لما حملته من احتكاك وتطور وثقة بالنفس.

بعد انتهاء العقد، عاد إلى المغرب، حيث بدأ يشتغل مع جمعيات ونواد كروية، مقدّما عروضا خلال حفلات الافتتاح أو النهائيات "لكن كما سبق وقلت مقابل مبالغ ضئيلة جدا". بعدها، عاد مجددا إلى تركيا بعقد آخر دام بضعة أشهر، قبل أن تفتح أمامه تجربة استثنائية.

حاليا، يتواجد محمد في قطر، بعدما تلقى دعوة من بعض المنظمين الذين يشتغلون مع الفيفا، لتقديم عروض فريستايل خلال كأس العرب، أمام الملاعب، ضمن فقرات ترفيهية موجهة للجماهير. هناك، يؤدي عروضه أمام حشود كبيرة، مرتديا قميص المنتخب المغربي، في لحظة تختصر سنوات من التعب والإصرار.

ويحكي محمد لـ "يابلادي"، في مكالمة هاتفية متقطعة نسمع خلالها أنفاسه وهو يركض للحاق بأحد العروض، أنه يحظى بتشجيع واسع، سواء من المغاربة أو من جماهير تنتمي إلى جنسيات مختلفة. ويؤكد أنه يشعر بالفخر لتمثيل بلده بصورة إيجابية، معربا عن أمله في أن تُتاح له فرصة المشاركة أيضا خلال كأس إفريقيا، التي تنظم في المغرب خلال الأيام المقبلة.

ويأتي اختيار محمد من طرف المنظمين الذين يشتغلون مع الفيفا، بعد اجتيازه اختبارات أداء (كاستينغ) إلى جانب محترفين من جنسيات متعددة، ضمن عملية انتقاء شملت فنانين ومواهب جرى اختيارها للمساهمة في الترويج لهذا الحدث الكروي.

طموح محمد لا يتوقف هنا. يحلم بالتجوال عبر العالم، وتقديم عروض في مختلف الدول، وتمثيل المغرب في أكبر التظاهرات الرياضية، كما يتطلع إلى المشاركة في العروض المرافقة للمنافسات التي ينظمها المغرب. وعلى المدى البعيد، يراوده حلم افتتاح محل تجاري يضم كل ما يتعلق بكرة القدم.

وعبر محمد عن أسفه قائلا، إن "الفريستايل" في المغرب لا يضمن مستقبله "يصعب العيش من هذه الرياضة في المملكة، إلا من خلال الإعلانات أو العروض الكبرى، على عكس الخارج، حيث يعتبر الفريستايل نشاطا مربحا ومعترفا به".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال