ماذا جرى في هذا اللقاء الذي لم يدع له رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي يحرص على حضور اجتماعات صغيرة ومناسبات بروتوكولية يظن الجميع ان وقت سعادته لا يسمح له بشغل نفسه ووقته للحضور إليها لكنه يفاجئ الجميع ويحضرها. لكنه هذه المرة كان غائباعن الاجتماع السياسي والأمني والاجتماعي الأهم في السنة. اجتماع وزيري الداخلية بالولاة والعمال لم يكن سرا ولا اجتماعا عابرا أو برتوكوليا أبدا كان اجتماعا رسميا أعلنت عنه وعن جل مداولاته وكالة الأنباء الرسمية لنقرا ما حاء فيه رغم طوله قبل التعليق عليه (اللقاء تطرق الى الاوراش المفتوحة في المملكة وقضايا أساسية في أفق تعميق النقاش بشأنها في اللقاءات الموالية التي سيتم عقدها بداية الدخول السياسي والاجتماعي المقبل.
وهكذا تطرق الحاضرون للقضايا الأمنية، حيث تم التركيز على مواصلة المجهودات المبذولة للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم ...كما تم التطرق الاجتماع إلى مجموعة من المواضيع المرتبطة بالجانب الاجتماعي، وفي هذا الإطار تمحور النقاش حول تقييم مجهودات السلطات الترابية في تلبية حاجيات المواطنين في ظل وجود برامج تكتسي صبغة اجتماعية هامة كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونظام المساعدة الطبية "راميد" والتي تحظى برعاية مولوية سامية. وفي هذا الصدد، تم الاتفاق على تقوية وتوسيع البرامج الحالية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف إعطاء الأولوية للمشاريع المدرة للدخل، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق الغايات المرجوة والأهداف المحددة وفقا للتوجيهات الملكية السامية.
وأشار البلاغ إلى أن نظام المساعدة الطبية "راميد" استأثر بحيز مهم من النقاش باعتباره من بين أهم البرامج التي تطرح تحديا كبيرا على مؤسسات الدولة من أجل إنجاحها، إذ كان من اللازم إجراء تقييم موضوعي بعد مرور سنة على دخول نظام "راميد" حيز التنفيذ، علما أن الحصيلة الأولية لهذا النظام تؤكد النتائج الإيجابية التي تحققت ....وشكل هذا اللقاء أيضا مناسبة لتناول وتدارس مواضيع أخرى تندرج ضمن مهام السلطات الترابية، لاسيما المكانة المحورية التي خولها الدستور الجديد للسادة ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، بصفتهم ممثلي الدولة على الصعيد الترابي، عبر تخويلهم اختصاصات هامة تتمثل في السهر على تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية، ومواكبة ومساعدة الجماعات الترابية على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، وكذا تنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة والسهر على حسن سيرها ، إلى جانب تشجيع الاستثمار، خاصة ما يتعلق بتبسيط المساطر الإدارية المتعلقة بمعالجة ملفات المستثمرين.) انتهى بلاغ وزارة الداخلية.
هل رأيتم ان اللقاء كان هاما جداً بل استطيع ان أقول انه كان اهم من عدد كبير من المجالس الحكومية التي يرأسها بنكيران ويفتتحها بالمواعظ الأخلاقية وأحاديث ترطيب القلوب. وحبذا لو ألف دليلا للخيرات خاص برجال ونساء السلطة والأمن لترطيب قلوبهم على رؤوس المتظاهرين السلميين وخاصة في رمضان وطبع هذا الدليل على نفقة وزارته وبعثه إلى كتيبة العنصر و الضريس في العمالات والأقاليم وولايات الأمن. عل الله يحقق بمواعظ بنكيران ما عجزت المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية على تحقيقه من تهذيب لسلوك السلطة اتجاه المواطنين.
المهم اللقاء تباحث في جدول عمل يشبه إلى حد كبير برنامجا حكوميا متكاملا فيه السياسة والأمن والادارة والاقتصاد والاستثمار والمشاريع المذرة للدخل، والصحة وبرنامج المساعدة الطبية ،والعمل الاجتماعي، والمشاريع الكبرى، والأوراش المفتوحة، والتنسيق بين مندوبيات الوزارات كافة ،وحتى لا يقول احد ان رجال السلطة يتحركون فوق الدستور أو لا يكترثون بالوثيقة الأسمى في الدولة، فقد جرى الاستشهاد في بلاغ الداخلية بما يخوله الدستور من سلط وصلاحيات جديدة ومكانة مرموقة للولاة والعمال. طبعا لم يذكر العقل القانوني للداخلية ان ذات الدستور قد جعل رئيس الحكومة على راس الإدارة والسلطة التنفيذية.
لا حظوا ان بلاغ الداخلية لم يأت على ذكر البرنامج الحكومي الذي صوت عليه البرلمان و ممثلي الأمة في الاجتماع مع الولاة والعمال،ولا استشهد بتوجيهات رئيس الحكومة المنتخب. انها حكومة موازية لحكومة الرباط،انها الحكومة الفعلية التي توجد في الميدان والتي تشتغل ليل نهار بالقرب من بعض الشعب وفي بعد عن آخرين، أنها حكومة موحدة منسجمة لا شباط فيها ولا تعديل حكومي يعتريها، لها برنامج لا يتغير بتغير حكومات الرباط وانتخابات البرلمان أو الجماعات ، لهذا غاب عنها رئيس الحكومة فصلا للسلطات واحترام للحكم الذاتي الموسع الذي تحظى به حكومة الولاة والعمال!.