الإسلام رحمة للعالمين : نعم , إن العمل الإسلامي كله رحمة , ذلك أنه يتحمل أصحابه كثيرا من المشا ق , لتبليغ رسالته التي تحمل النا س الى نعيم دائم , وتنقذهم من عذاب أليم , فإذا أخذ الناس أمكنتهم بمركب النجاة الذي هوالإسلام , تلقوا مباد ئه بهدوء ليبنوا حضارتهم الرائعة , المبنية على التراحم , والتعاون , والتكافل , والتناصح , والإسعافا ت , ومواساة الفقير, والبئيس , واليتيم , والمحروم ...الى جانب بناء قوة قادرة على تأمين طريق المسلمين , وقاد رة على توفير الأمن الغذائي , والتنقيب على سعادة المجتمع الإنساني , في أعماق البحر, وخارج الكوكب الأرضي ...مع المحافظة على أداء واجب الله تعالى , وواجب الذات , وواجب الأسرة , وواجب الإنسانية...كما ينبغي أن يعرف البشرأنه بشر, له حقوق وعليه واجبات , وهذا أمربدأ يتجاهله بعض من تلاعبت بهم رسالة شيطانية , فسرمضمونها كثير من الملاحدة , وقام بتطويرها عمالقة الفساد الأخلاقي , وأباطرة الجحيم , ممن أصبح يعارض أحكام دين أنزله رب العالمين , وهوتضاد غير متوازي القوى , ذلك أن الإنسان مجرد مخلوق ضعيف جدا, وقد يرفضون الحكم الديني بدعوى الرحمة , والحق أن الرحمة كامنة في طاعة الله تعالى , ومن حاد عنها دخل في عداد المخاطبين بقول الله تعالى :"خذوه فغلوه.." وبقوله الكريم :" فألقوه في العذاب الشديد". ولقد حثنا الله تعالى على لسان رسوله , صلى الله تعالى عليه وسلم القائل : "إنما يرحم الله من عباده الرحماء ", والرحمة لا تكون على حسا ب الدين , وإنما تدخل في نطاق المعاملة الخاصة , الداخلة في العبادات السلوكية , أما ما عدا ذلك فهوإساءة الى السنة , إساءة قال فيها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :" فمن أتاها بزيادةٍ أو نقصٍ فقد ثَلَم الإجمَـاع الَّذي رضيته طوائف عُـلماء الأمَّة في شتَّـى الأعـصار و القرون، و إنما الأمَّة بعلمـائها ، فما رَضيَه العلمـاء و استقرَّ إجمـاعُهم عليه ، فهو الَّذي رَضِـيَته الأمَّة ، و الأمَّة "لا تجتمعُ على ضلالةٍ"، و هي بهذا المُحـدث في واحدٍ من أصـلَيْ الأصُـول، و هو السُّـنَّة : " مَن أحدثَ فـي أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؟!. وقال رحمه الله تعالى :"ومن السياسة الشرعية أن يفتح للناس باب الرحمة من الشريعة ، ويؤخذ من غير المذاهب الأربعة ، ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر عام " . ومن الرحمات الإنسانية التي لا تقف عند حد , الرحمة التي أمربها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم , في الحديث الآتي:" وعن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لن تؤمنوا حتى تراحموا . قالوا : يا رسول الله كلنا رحيم . قال : إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه , ولكنها رحمة العامة ". قال الشيخ الألباني : رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح ,رضي الله تعالى عنهم جميعا . فلا بد من تراحم بشري عام , يدفعنا نحوه قول الله تعالى :" يا أيها الناس , إنا خلقناكم من ذ كر وأنثى , وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.." ثم نبهنا بقوله الكريم الذي يأتي بعد هذا فقال جل جلاله :" إن أكرمكم عند الله أتقاكم , إن الله عليم خبير".. وبهذا نعرف أن حق الله تعالى مقدم على كل حق , وأن التقوى هي المعيار المميزبين الفاضل وغيره , كما أن من كان تقيا , كان حسن السلوك , مأمون الجانب , لا يغش , ولا يكذب , ولا يضرالآخرين , سواء كان داخل بيته أو خارجه ...ولقد أخرج البخاري ومسلم رضي الله تعالى عنهما , أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:" أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينا أو يطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه _ ولو شاء أن يمضيه أمضاه _ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام (وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل] وهو حديث حسنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى .. عبداللطيف سراج الدين .