القائمة
تسجيل الدخول عالم المرأة إسلام راديو منتديات أخبار
المقاطعة أسلوب حضاري
26 April 2018 02:34
المقاطعة أسلوب حضاري...
حين قام تجار اللحم زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب برفع سعره من غير سبب لتكثر أرباحهم، ذهب وفدٌ إلى الفاروق يطلب منه التدخل لتخفيض الأسعار، فقالوا له: غلا اللحم فسعّره لنا، فقال لهم: أرخصوه أنتم، فقالوا: وكيف نرخصه وليس في أيدينا يا أمير المؤمنين؟ قال: اتركوه لهم. فترك الناس شراء اللحم أياماً، وبعد أن تعفن لدى الجزارين أرخصوه مجبورين.

وحين غلا الزبيب بمكة كتب أهلها إلى على بن أبى طالب بالكوفة أن الزبيب قد غلا علينا، فكتب أن أرخصوه بالتمر. أي استبدلوه بشراء التمر الذي كان متوفرا في الحجاز وأسعاره رخيصة فيقل الطلب على الزبيب فيرخص . وإن لم يرخص فالتمر خير بديل .

وعندما أراد (غاندي) مقاومة المستعمر الانجليزي ونيل استقلال بلده الهند كانت جملته الشهيرة "احمل مغزلك واتبعني" سلاح مقاطعة فعال كانت له نتائجه الإيجابية الفعالة فيما بعد.

وعندما توحد العرب يوماً ما واستخدموا سلاح المقاطعة في ظاهرة استثنائية غريبة قد لا تتكرر قريباً كانت النتيجة هي انتصار عسكري وسياسي رائع في حرب 1973، ونتائج اقتصادية مبهرة من خلال ارتفاع سعر برميل البترول من دولار واحد إلى ما يقارب الأربعين، مما حقق طفرة عمرانية وتنموية واسعة في بلدان النفط العربي.

وعندما استيقظ المواطن الأرجنتيني يوماً على ارتفاع طفيف في سعر البيض بسبب جشع تجار الدواجن، لم يستسلم للأمر وكأن شيئاً لم يكن، إنما أخذ الطبق وأعاده إلى مكانه وقال " هناك أمور تعوضني عن البيض فلا داعي له"، وأجبروا التجار بعدها على تقديم اعتذار رسمي للشعب الأرجنتيني عن طريق جميع وسائل الإعلام، وتخفيض سعر البيض عن سعره السابق بربع القيمة السابقة.وعندما دخلت سيدة بريطانية عجوز إلى محل البقالة الكائن في قريتها الصغيرة وتفاجأت بارتفاع سعر الطماطم، قامت بإرسال رسالة نصية قصيرة إلى كافة معارفها وصديقاتها قائلة لهم " بلاها طماطم اليوم".

وعندما طفح الكيل في دول عربية عدة من الممارسات الجشعة لبعض التجار كان الحل هو تنظيم حملات مقاطعة اعلامية منظمة كحملة "اتركها على الرف"، و"لا ترفع الأسعار فالبديل في الانتظار"، و"خلوها تصدى"، و"خلوها تغبر"، و" خلوها تفسد "، وهي حملات كان لها أثر ايجابي فيما بعد، واضطر التجار لإعادة الأسعار كما كانت.

إذن هي ثقافة أمم وشعوب لم ترض أن يبتزها أحد في حاجاتها الأساسية، أو يحرمها من قوتها اليومي، فكانت المقاطعة أمضى سلاح يتم استخدامه كتعبير معنوي عن الاحتجاج ورفض الإهانة.وبرغم الحديث عن دعوات المقاطعة بعض السلع والمنتجات هنا وهناك إلا أن ثقافة المقاطعة تكاد تكون غائبة بشكل كبير عن مجتمعنا المحلي،،عزيزي المواطن. التاجر لا يحترم المستهلك السلبي والذي يتبعه دون تفكير، التاجر يحترم فقط من يقول له: بضاعتك لك لا نريدها.

لن يضيرنا شيئاً لو توقفنا عن شراء منتج معين اعتدنا عليه، ولن تقوم القيامة لو استبدلنا هذا المنتج بمنتج آخر يؤدي نفس الغرض، ولن ينتهي الكون لو راجعنا سياستنا الشرائية الخاصة بمستلزماتنا المختلفة، ولا تقل أين البديل، فلو التفت حولك فستجد عشرات البدائل، فالعجوز البريطانية ليست أكثر وعياً منا أحفاد الفاروق، والشعب الأرجنتيني ليس أكثر ثقافة من أبناء علي، وغاندي ليس شخصاً خارقاً.
المسألة تتعلق بالمبدأ يتبعه العزم والتصميم، وهناك من التجار من يعتقد بسلبيتنا وسذاجتنا وعدم قدرتنا على اتخاذ مواقف مضادة. أفلم يحن الوقت كي نقول لهم كفى.
 
انظم ليابلادي على فايسبوك