وصل عدد المشتركين في قناته على اليوتوب أزيد من سبعين ألف مشترك، برقم مشاهدات إجمالي يقترب من السبعة ملايين، بنبرته السريعة، وتلقائيته الكبيرة، وغوصه في مواضيع اجتماعية تحت يافطة الهزل والفكاهة، استطاع خالد الشريف أن يخلق واحدة من أكبر القنوات المغربية على اليوتوب، مساهما بالتالي، في ابتداع نوع جديد من الكوميديا الذي يستند إلى الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي مزاحما ما تنتجه القنوات الوطنية من فكاهة فقدت الكثير من رونقها في السنوات الأخيرة.
"بلاك مصيبة"، ذلك هو اسم برنامج هذا الإطار البنكي البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين ربيعا والقاطن حاليا بالديار الكندية، انتشر اسمه كالنار في هشيم اليوتوب، وكذلك في الفايسبوك ، يقول عن بداياته مع الكوميديا إن إضحاك الناس كانت رغبته منذ الطفولة، خاصة وهو يشارك في الأنشطة المسرحية لمدرسة اسمارة التي درس بها بقصبة تادلة، ورغم أن مساره الدراسي قاده إلى عالم الأرقام والعمليات المالية، إلا أنه لم يتخلّ عن هواياته الهزلية التي حظي من خلالها بتشجيع الأهل والأصدقاء، إلى أن تعرف على عالم الانترنت والإمكانيات الهائلة التي يقدمها من أجل تشجيع المواهب على الوصول إلى أبعد مدى ! "كاميرا فيديو، حاسوب، عملية اتصال بالانترنت: ثلاثية جعلتني أقدم أول مقطع فيديو خاص على الانترنت يتحدث عن ظاهرة الهواتف النقالة" يتذكر الشريف كيف مر هذا المقطع مرور الكرام بالنظر إلى ازدحام اليوتوب بمقاطع الفيديو، غير أن مثابرته على الإنتاج بمعدل فيديو واحد كل ثلاث أسبوع، جعلت الجمهور يتعرف عليه رويدا رويدا إلى أن بزغ اسمه كواحد من أشهر مغاربة اليوتوب.
يختار الشريف مواضيعه تماشيا مع ما تعرفه الساحة من أحداث ومع ما يتداوله المغاربة من أخبار، يبحث عن هموم المواطن اليومية مع وسائل النقل ومع تحصيل عيشه، إضافة لاشتغاله على اقتراحات يقدمها له عشاق برنامجه، إلا أن الملاحظ، أن الشريف، يبتعد ما أمكن عن السياسة والدين، بسبب ما يقول إنها طابوهات تحتمل الكثير من وجهات النظر المتعددة.
سبب نجاح "بلاك مصيبة" الذي اقتبس اسمه من أغنية لفرقة هوبا هوبا سبيريت، كما يؤكد الشريف، هو كونه يحاول الحديث بلسان المشاهد والتعبير عن ما يخالجه بطريقة ساخرة مختلفة عما اعتاد عليه في القنوات الوطنية، رغم أن التقنيات التي يستخدمها تبقى بسيطة ولا تصل إلى الإمكانيات الاحترافية التي تزخر بها عدد من شركات الإنتاج السمعي-البصري، ورغم أنه يشتغل وحيدا في كل مراحل إنجاز الحلقة من كتابة وتشخيص وتصوير ومونطاج.
غير أن سهم الانتقادات لم يزغ عن برنامج الشريف، فمجموعة من المتابعين يرون أنه يسقط أحيانا في التعميم، وفي إطلاق أحكام عامة على فئات اجتماعية معينة، وكذلك في السخرية من جهد بعض الأشخاص ممن يشتغلون من أجل أهداف معقولة متعلقة بتنمية مدنهم، كما حدث عندما احتقر مهرجان الحمير بقصبة بني عمار زرهون، ووَصَفه ب"الشوهة"، إضافة لانتقاده الترام في الدار البيضاء وحديثه عن كونه غير ضروري في ظل ضعف البنية التحتية، رغم مساهمته الكبيرة في إيجاد بعض الحلول لمشكل النقل بالعاصمة الاقتصادية. يبرر الشريف اختياراته بأن مواضيع بلاك مصية تنطلق من انتقاد بعض الاختيارات المبهمة في حل مشاكل المواطن المغربي، فالميترو هو الحل الوحيد لمشكل النقل داخل المدن الكبيرة وليس الترام، كما أنها تنطلق من إلقاء الضوء على بعض سلوكيات المواطن المغربي كالازدحام الدائم حتى ولو لم تكن أية حاجة له،"لا أظن أنني أعطي صورة نمطية بقدر ما أغير نظرة الناس للسلوكيات اليومية، وهذا هو أساس البرنامج ".
لا تتوقف طموحات الشريف إلى مجرد الانضمام إلى قناة ما، وهو الذي تمكن من الالتحاق ببرنامج "جينيراسيون نيوز" على قناة ميدي 1، داخل فقرة تسمى ب "كٌولو باز"، بل تصل إلى مساعدة كل شاب مغربي يريد إنتاج برامجه الخاصة على اليوتوب، وخلق تكتل مغربي حقيقي داخل الموقع ذاته يقدم الدليل القاطع على قدرة الشباب المغربي في خلق إعلام بديل يعبر عن تطلعاته وأفكاره، بل أن الشريف يحلم كذلك بولوج ميدان السينما:" علاش لا..نتمنى يجي شي نهار نمثل فيه ولو دور صغير فشي فيلم سينمائي !".