(الأمازيغ) و(ليبيا) و(إفريقيا) حسب رواية (هيرودوت)، أو "وشـهـد شـاهـد مـن أهـلـهـا"
كل ما سيأتي لاحقا نقلته وترجمته من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية من كتاب "أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ)" – من ترجمة وتعليق وشرح الدكتور "مصطفى أعشي"، من "منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" بالرباط سنة 2009. وقد اقتصر هذا الكتاب على اختار نصوص هيرودوت المتعلقة بـ"الأمازيغ" فقط، أما أنا فقد تصرفت في ما نقلته منه بحرية.
يعتبر كتاب "التواريخ لهيرودوت" من أقدم المصادر المكتوبة التي تتحدث عن شعوب البحر الأبيض المتوسط خلال القرن الخامس قبل الميلاد، بعد "ملاحم" (هوميروس) و"إشارات" (هيكاتي الملطي).
ويدور كتاب تاريخ هيرودوت (الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد: ولد سنة 489 أو 487 وتوفي سنة 425 ق.م.) حول محور واحد هو تاريخ حروب الإغريق مع الفرس. ويهتم خاصة بالفترة المحصورة بين عام 450 ق.م. وعام 425 ق.م. وهي الفترة التي عرفت التحالف بين أثينا وإسبرطة لمواجهة الفرس.
ولم يقتصر هيرودوت على تسجيل تاريخ بلاد الإغريق فقط وإنما تجاوزه إلى العالم المعروف آنذاك وإلى ما وراءه، فتناول تاريخ وأعمال وآثار الأقوام والشعوب التي ما زال لبعضها أثر، في حين لم يعد لبعضها الآخر أي وجود.
والليبيون (الأمازيغ) مدينون لـ(هيرودوت بالشيء الكثير)، إذ إنه اهتم بتسجيل تاريخهم وحضارتهم، وبين أنهم السكان الأصليون لكل شمال إفريقيا، وأنهم ساهموا حضاريا في بناء العالم القديم. بل وأكد أكثر من مرة أنهم علموا الإغريق الكثير من الأشياء كتربية الخيول وركوبها، واستعمال العربات، وكذا الملابس والأسلحة، وعبادة بعض الأرباب، إلخ.
إن ليبيا، في مفهوم هيرودوت، هي كل شمال إفريقيا، من النيل شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا. وهي كذلك القارة الإفريقية. وهذا يقابل جغرافيا وبشريا بلاد الأمازيغ.
ونجد اسم (ليبيا) بأبعاده التي تضم كل شمال إفريقيا في نصوص إغريقية سابقة على هيرودوت، منها "الأوديسة" لـ(هوميروس) الذي يذكر في النشيد 16 وفي الأبيات 275-280 اسم (ليبيا).
كان الليبيون (الأمازيغ) يعملون في الحرس الملكي وفي الجيش المصري قبل الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين. بل وربما قبل ذلك. وقد استطاعوا أن يبلغوا العرش، فأصبحت لهم أسر بين الأسر التي حكمت مصر، وهي الأسرة الثانية والعشرون التي كان يتزعمها شيشونق، والتي حكمت مصر من 950 إلى 730 ق.م. بل وهناك من يرجح أن الأسرتين الحادية والعشرين والسادسة والعشرين كانتا أمازيغيتين أيضا. وذلك لأن المصريين الذين ثاروا على ملكهم (أبريس) نصبوا الأمازيغي (أمازيس) الذي ناصرهم في هذه الثورة ملكا عليهم سنة 570 ق.م. وتمكن (أمازيس) من القضاء على الملك (أبريس) بعد سنتين من دلك (أي سنة 568 ق.م.). وبعد ذلك أصبح الملك (أمازيس) يحمل لقب (أحموسي).
المهم، بالنسبة لنا، في ما يقوله هيرودوت حين يتعرض لأرض ليبيا والليبيين، أو بلاد الأمازيغ والأمازيغ، أنه يتحدث عنهم وكأنهم أبناء أمة واحدة، إذ يذكر أن هناك شعبين أصيلين، في أرض الأمازيع، وشعبين دخيلين: الشعبان الأصيلان هما الليبيون (الأمازيغ) والإثيوبيون، والشعبان الدخيلان هما الإغريق والفينيقيون. وهذا يؤكد الوحدة العرقية لكل الأمازيغ، أبناء شمال إفريقيا، من النيل إلى المحيط.
[email protected] يرجو أن يكون قد قدم لكم ما فيه فائدة لكم. 70 سـلام.