ولدت المهاجرة المغربية نورة السويسات براوكمان بمدينة أكادير في أبريل من سنة 1980، ونظرا لاشتغال والدها في الميدان السياحي، قضت طفولتها متنقلة بين مراكش وطنجة وأكادير، ما أسهم في تشكيل شخصيتها متعددة الثقافات.
وبعد تجاوزها سن 18 سنة، اقترح عليها أحد أعمامها تعلم اللغة الألمانية والإلتحاق به في ألمانيا، وهو ما استجابت له، وغادرت المغرب سنة 2000 باتجاه مدينة مونستر.
ولم تكن بدايتها في عالم الغربة كما كانت تتوقعها، اذ اصدمت بحاجز اللغة والاختلاف الثقافي. لكنها بشغفها وعزيمتها استطاعت تجاوز هذه العوائق، وانضمت إلى جمعيات ساعدتها في الاندماج.
وفي غضون ست سنوات، افتتحت مطعمًا أطلقت عليه اسم "مراكش"، قدمت فيه أطباقًا مغربية وأخرى لبنانية، ليصبح المطعم جسرًا ثقافيًا بين المغرب وألمانيا.
رغم نجاح مشروعها، قررت نورة إغلاقه عام 2009 لتتفرغ لشغفها الحقيقي المتمثل، في العمل الجمعوي، الذي ساهمت من خلاله، في دعم الطلبة المغاربة القادمين إلى ألمانيا، حيث استضافت بعضهم في منزلها ووفرت لهم ما يحتاجونه.
وتوجت جهودها بتأسيس جمعية "آفاق للثقافة والتعاون الاجتماعي" عام 2012، بالشراكة مع ممثلي جاليات عربية وغير عربية، بهدف تعزيز حقوق المهاجرين ودعم التعايش.
ولعبت الجمعية دورا مهما أثناء أزمة الهجرة التي شهدتها أوروبا، وخصوصا ألمانيا سنة 2015، وقالت "مع موجه الهجرة من سوريا، لعبت الجمعية دورا كبيرا في مساعدة السلطات على التعامل مع اللاجئين، وحل مشاكلهم، لأننا كنا نتحدث اللغة العربية، وهي لغة اللاجئين، الذين كانوا يصلون بالآلاف".
وبذلك، قدمت الجمعية خدمات شاملة تضمنت الترجمة وحل المشكلات، مما جعلها شريكا أساسيا في الجهود المحلية.
ولوج العمل السياسي
وباتت نورة من الوجوه المعروفة في مدينة مونستر بفضل عملها الجمعوي، وهو ما دفع بعض معارفها إلى تشجيعها على الترشح لانتخابات مجلس الاندماج والهجرة سنة 2020".
وقالت نورة "هذه المجالس تمثل المهاجرين، على مستوى البلديات ويتم انتخابها من قبل المهاجرين أنفسهم في يوم انتخابات المجالس البلدية وذلك كل خمس سنوات". وأضافت أن هذه المجالس تعمل "على تمثيل مصالح المهاجرين داخل المجالس البلدية، وتساهم في رسم السياسات التي تهم المهاجرين، من خلال تقديم الاستشارات والاقتراحات، كما تلعب دورا مهما في دعم التعايش وحل المشاكل المتعلقة بالمهاجرين".
"الانتخابات مرت في أجواء جيدة، تقدمنا بلائحة مستقلة، وفزنا بأربعة مقاعد، كنت من ضمنهم، وأنا الآن عضو في المجلس، وأتولى منصب نائب في هيئة الثقافة، كما أتولى عضوية هيئة المساواة".
ترى نورة في المجلس منصة لتمكين الجاليات من إيصال صوتها، وتقود الآن إلى جانب العديد من الفاعلين الآخرين، حملة ضد اليمين المتطرف في ألمانيا، وقالت "بالتوازي مع تنظيم حزب البديل من أجل ألمانيا، اجتماعه السنوي في المدينة، ننظم مظاهرات يصل عدد المشاركين فيها إلى الآلاف، احتجاجا على مشروعهم السياسي والمجتمعي، وهو ما دفعهم إلى تنظيم اجتماع السنة المقبلة في مدينة أخرى".
وأضافت "في ظل الحديث عن ازدياد شعبية هذا الحزب، نعمل نحن على مواجهة أفكاره، وإظهار خطورتها على التماسك المجتمعي، ومن بين ما انخرطنا في الرد عليه تصريحات أعضائي مؤخرا والتي أساء فيها للجالية المغربية".
وتنشب نورة الفضل في كثير مما تقوم به إلى زوجها الألماني الجنسية، والتي تجده دوما بجانبها.
وترتبط نورة، بعلاقة قوية بالمغرب الذي تحرص على زيارته كلما أتيحت لها الفرصة، كما تسعى إلى خدمته من موقعها الحالي، فهي عضوة في أكاديمية مغربيات الخارج، التي تجمع العديد من المغربيات في بلدان مختلفة.
وقالت "من خلال هذه الأكاديمية التي تضم وجوها مغربية بارزة مقيمة وتنشط في مجالات متعددة ومتكاملة بالمغرب وخارج الوطن، نحاول الدفاع عن قضايا الوطن، كما نعمل على إيصال صوت مغاربة العالم إلى الجهات المسؤولة، وتعزيز حضورهم في البرامج التنموية المتعلقة بالتأطير الثقافي، واللغوي، والديني، والإستثمار في المغرب".
كما أنها في السنة الماضية، أسست جمعية Ibdaa Femmes النسائية رفقة نساء من بلدان مختلفة، لتحفيز النساء المبدعات في كافة المجالات.
ومن خلال حضورها البارز، تثبت نورة أنه يمكن للعمل الجمعوي والسياسي أن يسيرا جنبا إلى جنب، لخلق تأثير إيجابي في المجتمع.