وُلدت هاجر الطنجاوي في مدينة العرائش لوالدين هاجرا إلى ألمانيا عندما كانت تبلغ من العمر عامين فقط. كانت مصممة على نقل تراثها وثقافتها لأطفالها. الآن هي أم لطفلين، درست لتصبح معلمة، التزمت بالتحدث باللهجة الدارجة مع أطفالها الذين وُلدوا في ألمانيا، تمامًا كما فعل والداها معها ومع إخوتها.
وفي حديثها لموقع يابلادي قالت هاجر المتزوجة من رجل ألماني "رغم أنني نشأت في ألمانيا ودرست هناك، تعلمت الدارجة من والديّ في المنزل"، وأضافت أنها شعرت بضرورة الاستمرار في هذا التقليد عندما وُلدت ابنتها.
جاء هذا الإصرار من خوفها من فقدان الدارجة بين أبناء المغاربة المولودين والمقيمين في الخارج. وأضافت "لاحظت أن مع كل جيل جديد من المغاربة المولودين في الخارج، تتلاشى الدارجة شيئًا فشيئًا، وتضعف ارتباطهم بوطنهم".
داخل عائلتها، لاحظت هاجر أن الدارجة التي يتحدث بها شقيقها الأصغر تختلف عن تلك التي تتحدث بها أختها الكبرى. وقالت "كثير من الآباء لا يتحدثون مع أطفالهم بالدارجة بعد الآن، وأردت أن أتجنب ذلك. أردت الحفاظ على اللغة".
"بيبا بيج" تتحدث الدارجة
حاولت هاجر إحاطة أطفالها بالدارجة، وبما أن الأطفال يحبون الرسوم المتحركة، بحثت عن برامج للأطفال باللهجة الدارجة لكنها لم تجد أيًا منها.
تقول هاجر "كانت هناك خيارات بالعربية الفصحى، لكنني أردت تحديدًا الدارجة"، بعد أن فقدت الأمل في العثور على برامج بالدارجة لأطفالها، صادفت هاجر برنامج "بيبا بيج"، وهو مسلسل يتناول مغامرات خنزيرة صغيرة تشارك في أنشطة حيوية يوميًا وتتعلم أشياء جديدة.
وقالت "ابنتي أحبته كثيرًا وتعلمت منه أشياء كثيرة، حتى أنها اكتسبت لكنة بريطانية"، وأضافت ضاحكة ومن هنا جاءت الفكرة "لو كان هناك شيء مشابه لهذا بالدارجة".
وقررت الأم، التي لا تعمل خارج المنزل، القيام بالمهمة بنفسها: ترجمة الحلقات وأدتها بالدارجة لأطفالها وأطفال المغاربة الآخرين في الخارج الذين يحتاجون إلى برامج مماثلة لتعلم الدارجة.
وقالت "رغم أنني كنت أتحدث الدارجة دائمًا مع أطفالي، كانوا يردون علي بالألمانية فقط. قررت أن أصنع شيئًا بنفسي. أحببت برنامج "بيبا بيج" لأنه مضحك وقصير وتعليمي. استمتعت بمشاهدته مع ابنتي حتى كشخص بالغ".
بدأت هاجر في أبريل 2024، بمساعدة زوجها، في ترجمة حلقات "بيبا بيج" وتسجيلها بالدارجة. وقالت "في البداية، ساعدني أخي البالغ من العمر 18 عامًا. عرفني على البرامج وانضم لي في تأدية أصوات الشخصيات".
قام الأخوان بتغيير أصواتهما لتناسب الشخصيات المختلفة مثل "بيبا بيج"، "بابا بيج"، "ماما بيج"، "جدّو"، و"جورج". لكن مع انشغال أخيها بدراسته، أصبح الأمر صعبًا.
عندما أصبح من الصعب العثور على أشخاص لأداء أصوات الشخصيات، لجأت هاجر إلى الذكاء الاصطناعي.
"أستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء أصوات الشخصيات، مثل "بابا بيج" أو "جورج". رغم أن الكثيرين يعتقدون أن أطفالي هم من يؤدون أصوات "بيبا" و"جورج"، إلا أن ذلك غير صحيح. الذكاء الاصطناعي يوفر جودة أفضل ويسمح لي بالعمل بشكل مستقل".
نشرت هاجر الحلقات على يوتيوب، لكنها شعرت بالإحباط في البداية بسبب قلة التفاعل. وقالت "عندما رفعت الحلقات لأول مرة، وضعت الموقع على يوتيوب كالمغرب، لكن الردود كانت مخيبة للآمال".
مع الوقت، بدأت تتلقى ردود فعل إيجابية، خاصة من المغاربة في الخارج الذين أعجبوا بالمحتوى لمساعدة أطفالهم على تعلم الدارجة. وقالت "أدركت أن المغاربة المقيمين في الخارج هم الجمهور الأساسي لهذا النوع من المحتوى".
تأمل هاجر أن يتطور مشروعها للوصول إلى قنوات التلفزيون المغربية أو حتى الألمانية، والتوسع إلى مسلسلات أخرى.