القائمة

أخبار

الأمطار الغزيرة في المغرب تعيد الأمل بعد سنوات من الجفاف

منذ بداية شهر دجنبر 2025، تبدو الأمطار شبه اليومية في عدة مناطق من المغرب وكأنها تكسر الدورة المقلقة لسبع سنوات طويلة من الجفاف التاريخي. وعلى الرغم من أن معدل امتلاء السدود لا يزال يظهر تفاوتات بين الأحواض في الشمال وتلك الموجودة في الجنوب، فإن التأثير الإيجابي من المتوقع أن يستمر خلال الأشهر القادمة.

نشر مدة القراءة: 5'
الأمطار الغزيرة في المغرب تعيد الأمل بعد سنوات من الجفاف
DR

في المغرب، يشهد شهر دجنبر 2025 أمطارًا وثلوجًا يوميًا، وهو ما يعد ظاهرة طبيعية في هذا الفصل، لكنها تكتسب طابعًا استثنائيًا بسبب الجفاف التاريخي الذي عانت منه البلاد على مدار السنوات السبع الماضية، مما أثر بشكل كبير على الاحتياطيات الطبيعية من المياه. هذه الفترة تشهد الآن تحسنًا ملحوظًا في وضع الموارد المائية، كما يؤكد فؤاد عمراوي، وهو أستاذ باحث في علم الهيدرولوجيا بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، لموقع «يابلادي».

تؤكد ملاحظات المتخصصين على التأثير الإيجابي للأمطار المسجلة في عدة مناطق. ووفقًا للبيانات المحدثة من وزارة التجهيز والماء، سجل سد الوحدة في إقليم تاونات أكبر زيادة في معدل ملئه، حيث بلغ 23 مليون متر مكعب (45.9%). ويليه سد سيدي محمد بن عبد الله في جهة الرباط-سلا-القنيطرة، مع 20.2 مليون متر مكعب خلال نفس الفترة، مما رفع معدل ملئه إلى 86.9%.

وفي تاونات أيضًا، سجل سد إدريس الأول زيادة قدرها 12.2 مليون متر مكعب (37.6%). في إقليم بني ملال، سجل سد أحمد الحنصالي زيادة قدرها 9.8 مليون متر مكعب خلال الساعات الـ 24 الماضية، مما رفع معدل ملئه إلى 19.8%. في أزيلال، شهد سد بين الويدان، الذي تأثر بشدة بالجفاف، زيادة في موارده المائية بمقدار 4.5 مليون متر مكعب. ويبلغ معدل ملئه فقط 14.7%، مما يعكس آثار هذه الفترة الطويلة بدون أمطار في المنطقة.

في الشرق، سجل سد محمد الخامس زيادة قدرها 4.3 مليون متر مكعب، مما رفع معدل ملئه إلى 29%. معلقًا على هذه البيانات لهيئة تحريرنا، يعتبر الأستاذ فؤاد عمراوي أنها تؤكد التأثير الإيجابي للأمطار الأخيرة على احتياطيات المياه والموارد المائية، سواء في السدود أو على مستوى المياه الجوفية.

«الأمطار التي يشهدها المغرب في هذا الشهر تذكرنا بشتاء الستينيات والسبعينيات في البلاد. فهي استثنائية بعد سبع سنوات من الجفاف. لقد سمحت لنا بتجميع مليار متر مكعب في جميع السدود، وهو ما يمثل نحو 60% من احتياجاتنا السنوية من مياه الشرب، في جميع المدن.»

الأستاذ فؤاد عمراوي

الإشارات الإيجابية ستظهر أيضًا في عام 2026

بمعنى آخر، وفقًا للباحث، جاءت هذه الأمطار في الوقت المناسب لإعادة تكوين احتياطيات سدودنا، وإعادة شحن المياه الجوفية، مع الاستفادة لكل من الزراعة والغابات، مع تأثير حتى على الاقتصاد الوطني. وفقًا لفؤاد عمراوي، «الإشارات خضراء والآمال معلقة على استمرار الأمطار خلال الأشهر المقبلة، حيث أن جميع الأشهر قد تكون ممطرة حتى يونيو».

توقعات الباحث إيجابية، خاصة وأن الأشهر المقبلة ستسمح باستعادة المياه من الثلوج المتساقطة، التي كانت وفيرة أيضًا في المرتفعات. «في الواقع، لدينا اليوم غطاء ثلجي كبير، يمكن أن يذوب بوفرة اعتبارًا من شهري مارس وأبريل، مما يمثل احتياطيًا إضافيًا للسدود والأحواض المائية».

ومع ذلك، يقلل الأستاذ من الجانب الإيجابي لهذه الأمطار على المدى الطويل، نظرًا للسنوات السابقة من الجفاف، مشددًا على أن العجز المائي الذي يجب تعويضه لا يزال كبيرًا.

«في المتوسط الوطني، يظهر معدل ملء سدودنا حوالي 35%، وهو ما يعادل حوالي 6 مليارات متر مكعب من الاحتياطيات. هذه الأخيرة ليست موزعة بالتساوي حسب المناطق. لذلك، لا تزال الأحواض الشمالية تظهر أرقامًا أفضل من تلك الموجودة في الوسط والجنوب، حيث لا تزال الوضعية صعبة. لتلبية جميع احتياجاتنا (مياه الشرب، الفلاحة والأنشطة البشرية الأخرى...)، نحتاج إلى أرقام أكبر، إلى جانب توزيع أفضل.»

الأستاذ فؤاد عمراوي

داعيًا إلى الحذر، يشير عمراوي إلى أن السدين الثاني والثالث في البلاد، بين الويدان في حوض أم الربيع والمسيرة، يظهران على التوالي حوالي 20% و7%. «لكي تتحسن الوضعية، تبقى الأمطار ضرورية». ويعتقد أنه في هذا السياق، يمكن لـ«طرق المياه السريعة» أن تسمح بتوزيع أفضل، مما يساعد على تعويض العجز حسب المنطقة. ويؤكد «تم التخطيط لهذا النقل المائي بين الأحواض منذ عام 2009، مع الاستراتيجية الوطنية للماء التي جعلت منها طريقًا للمستقبل».

البدائل ضرورة وليست اختيارية

في العمل على السيناريوهات المستقبلية للمغرب، لوحظ أن الاحتياجات ستكون متزايدة، لكنها سترافق بانخفاض في الموارد، بسبب التغيرات المناخية، كما يصرح فؤاد عمراوي. «لقد تم توقع العجز، ومن بين البدائل، كان النقل بين الأحواض الشمالية والجنوبية وتحلية مياه البحر جزءًا من الحلول».

ويوضح أنه «مع تكرار سنوات الجفاف، لم يكن هناك خيار بين الاثنين، بل كانت هناك ضرورة لتفعيل كلاهما في نفس الوقت». «في هذا الإطار، تم تنفيذ أول نقل مهم بين سبو وبورقراق، مما سمح بتأمين الوصول إلى مياه الشرب على مستوى محور الرباط-الدار البيضاء لتجنب الانقطاعات في هذه المناطق ذات الكثافة العالية. إنه مشروع مهم جدًا، في سياقنا الحالي وللمستقبل».

يذكر الباحث أن هذه التحويلات ستستمر أيضًا نحو أم الربيع، كما تم بين وادي المخازن (العرائش) نحو طنجة. في النهاية، يمكن أن تسهم مجموعة هذه الحلول في مواجهة التحدي الهيدرولوجي والجفاف في المغرب بشكل مستدام، معتبرًا أنها أصبحت الآن جزءًا من الوضع الطبيعي وليست إدارة استثنائية لعجز مؤقت.

«في السابق، كنا نخطط لمدى 30-40 عامًا لتخطيط وتوزيع المياه. لكن هذه السنوات السبع الأخيرة من الجفاف الشديد أظهرت الحاجة إلى اعتبار هذه الوضعية كالوضع الطبيعي، بينما السنوات الممطرة هي الاستثناء. من هنا، تم التفكير الآن في مزج الحلول الممكنة: الاستمرار في بناء السدود يعزز قدراتنا التخزينية، بالتوازي مع تفعيل تحلية المياه لجميع المدن الساحلية، ليس فقط لمياه الشرب، ولكن أيضًا للري».

هذا المزيج «يعكس بالتالي الاتجاه لتوفير المياه من داخل البلاد نحو المدن الساحلية»، يشير فؤاد عمراوي، موضحًا أن مدينة مثل مراكش «ستتم تغذيتها جزئيًا من خلال التحلية، وكذلك المدن الداخلية الأخرى، لتخفيف الضغط عن الموارد الطبيعية لتلك المناطق».

ويصر على أنه في فترة الأمطار، «لا ينبغي التراخي، بل يجب أن ندرك أننا في بلد شبه جاف وأننا معرضون باستمرار لمواجهة أشهر جافة متتالية».

«لذلك، تبقى اليقظة واجبة بالنسبة للاقتصاد، وترشيد استخدام المياه والوقاية من تلوث مواردنا المائية، حيث يرتبط الجانب الكمي بالكيفي»، يؤكد فؤاد عمراوي.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال