القائمة

أخبار

عندما كانت عين تاوجطات شاهدة على احتضان أول مباراة كرة قدم بالمغرب

كرة القدم دخلت المغرب في أوائل القرن العشرين، حيث عرف المغاربة ممارستها أول مرة بشكل عفوي قبل تنظيم أولى المباريات الرسمية. خلال فترة الحماية، تأسست أول الأندية والمنافسات الرسمية، التي كانت في البداية مقصورة على المستوطنين الأوروبيين. مع مرور الوقت، تطورت اللعبة لتصبح جزءًا من الثقافة الوطنية، مؤطرة بالأندية والبطولات التي أرست أسس الكرة المغربية الحديثة.

نشر مدة القراءة: 5'
أسطورة كرة القدم المغربية العربي بن مبارك
أسطورة كرة القدم المغربية العربي بن مبارك

لايمكن تحديد تاريخ دقيق لبداية كرة القدم، إذ عرفت أشكالا بدائية لدى عدة حضارات، أبرزها الصين القديمة وأوروبا في العصور الوسطى، قبل أن تتطور الكرة نفسها وطرق لعبها عبر الزمن. وقد بلغت اللعبة شكلها الحديث في المملكة المتحدة خلال القرن التاسع عشر.

التحول الحاسم جاء سنة 1863 في لندن، حين اتفقت أندية إنجليزية على قواعد جديدة فصلت كرة القدم نهائيا عن رياضة الرغبي، ومنعت استعمال اليد والعنف، رغم بساطة القوانين آنذاك وغياب تحديد عدد اللاعبين أو مدة المباراة. ومع مرور الوقت، تم إدخال الحكم، وضبط توقيت المباريات، واعتماد ركلة الجزاء سنة 1891.

وشكل تأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم سنة 1863 ونادي شيفيلد سنة 1857 محطات مفصلية في تاريخ اللعبة، قبل أن تنتقل كرة القدم إلى مرحلة عالمية مع تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) سنة 1904، وإطلاق أول كأس عالم سنة 1930، ما فتح الباب أمام تطوير القوانين وتنظيم اللعبة بالشكل الذي نعرفه اليوم.

كيف دخلت كرة القدم إلى المغرب

تتباين المعطيات التاريخية بشأن توقيت تعرف المغاربة على كرة القدم في صورتها المنظمة التي تطورت لاحقا إلى ما هي عليه اليوم، حيث تبرز في هذا السياق روايتان أساسيتان.

تفيد الرواية الأولى بأن المغاربة احتكوا بهذه اللعبة منذ أواسط القرن التاسع عشر، عبر البحارة الإنجليز الذين اعتادوا ممارستها داخل الموانئ المغربية أثناء فترات انتظار إصلاح سفنهم.

في المقابل، تشير الرواية الثانية إلى أن كرة القدم لم تدخل المغرب على يد الإنجليز كما هو الحال في بلدان أخرى، بل حملها إلى البلاد العسكريون والمستوطنون الفرنسيون خلال فترة الحماية. ووفق بعض المصادر، ظل المغاربة يمارسون اللعبة بشكل عفوي في المدن والقرى، دون تنظيم أو تأطير رسمي.

ويؤكد عميد الصحفيين والمعلقين الرياضيين المغاربة، الراحل الحسين الحياني، أن أول مباراة رسمية أقيمت بالمغرب تعود إلى سنة 1913، واحتضنتها عين تاوجطات الواقعة بين فاس ومكناس، وذلك بعد عام واحد فقط من فرض نظام الحماية. وجمعت بين مستوطنين فرنسيين من مدينتي فاس ومكناس.

تأسيس أندية كرة القدم

يعد تأسيس الاتحاد الرياضي المغربي للدار البيضاء سنة 1913 محطة مفصلية في تاريخ الساحرة المستديرة بالمغرب، وبعد ثلاث سنوات تم إنشاء العصبة المغربية التي شكلت الإطار التنظيمي الأول للمنافسات، وإن ظلت خاضعة للإدارة الاستعمارية ومقتصرة في بداياتها على الأندية الأوروبية. ثم تأسس نادي راسينغ أطليتيك الدار البيضاء (الراك)، ليلتحق به لاحقا عدد من الأندية التي ستؤثث المشهد الكروي المغربي.

وفي سنة 1920 انطلقت بطولة شمال إفريقيا، التي جمعت أندية من المغرب والجزائر وتونس، وشكلت أول احتكاك إقليمي منتظم. وفي هذا السياق، تأسس سنة 1922 نادي أطليتيك تطوان، ثم جمعية المغرب الأقصى بطنجة سنة 1923، وهي السنة نفسها التي شهدت تأسيس نادي أولمبيك خريبكة بمبادرة من المكتب الشريف للفوسفاط.

وتعزز هذا المسار بإحداث كأس شمال إفريقيا سنة 1930، التي توج بها الاتحاد الرياضي المغربي للدار البيضاء سنة 1932، وهي السنة نفسها التي شهدت تأسيس جمعية الرباط سلا.

وخلال أواخر الثلاثينيات، تواصل اتساع القاعدة الكروية بتأسيس نادي أطليتك القنيطرة سنة 1938، ثم سنة 1939 التي عرفت ميلاد فرع كرة القدم لـنادي الوداد الرياضي، الذي سيصبح لاحقا أحد أبرز رموز الكرة الوطنية. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، دخلت كرة القدم المغربية مرحلة جديدة اتسمت ببروز أندية ذات خلفية وطنية واضحة.

ففي سنة 1946، تأسس نادي المغرب الفاسي بمبادرة من إدريس بنزاكور رفقة مجموعة من الوطنيين، إلى جانب مولودية وجدة، والفتح الرياضي عوض جمعية الرباط سلا، وحسنية أكادير. وتواصل هذا الزخم بتأسيس نادي الكوكب المراكشي على يد إدريس بن شقرون، واتحاد أتليتيك الدار البيضاء، ثم سبورتينغ شباب المحمدية .

وجاءت سنة 1949 لتسجل محطة تاريخية بتأسيس نادي الرجاء الرياضي على يد مجموعة من النقابيين، من بينهم المحجوب بن الصديق والمعطي بوعبيد، ليجسد منذ بداياته ارتباط كرة القدم بالفعل الاجتماعي والنضالي.

تأسيس الجامعة الملكية لكرة القدم

وانتهت مرحلة العصبة المغربية سنة 1955، بتتويج الوداد الرياضي بآخر نسخة من البطولة، في تزامن رمزي مع نهاية عهد الحماية وبداية فجر جديد لكرة القدم الوطنية، التي ستدخل بعد الاستقلال مرحلة إعادة البناء والتأطير الوطني.

وبعد الاستقلال مباشرة تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لتحل مكان العصبة المغربية لكرة القدم، التي كانت تنتمي للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، الذي كان يضم 22 عصبة في دول عدة.

وانضم إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مع تأسيسها 310 فريقا، حيث تم إطلاق أول بطولة وطنية فاز بها نادي الوداد الرياضي عام 1956، سنة بعد ذلك تمت برمجة منافسات كأس العرش.

في سنة 1960 انضمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وفي عام 1963 انضمت إلى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف)، حيث تألقت العديد من الفرق الوطنية من بينها الوداد الرياضي، الرجاء الرياضي، الجيش الملكي، وأولمبيك خريبكة.

وتألقت كرة القدم المغربية بعد ذلك، وكان المغرب أول منتخب إفريقي يلعب مباراة السد الإفريقية الأوربية المؤهلة لنهائيات كأس العالم الشيلي 1962 وجمعته بالمنتخب الإسباني عام 1961. أُجريت المباراتان يومي 12 و 23 نونبر 1961 في الدار البيضاء ومدريد على التوالي. فازت إسبانيا في مجموع المباراتين بعد فوزها على المغرب (1-0) في الدار البيضاء و(3-2) في مدريد، وبالتالي تأهلت لكأس العالم.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال