القائمة

أخبار

الصحراء في وثائق المخابرات الأمريكية #13: عندما سعت الجزائر لضم البوليساريو إلى الاتحاد المغاربي

قبل سنوات قليلة من الإعلان رسميا عن تأسيس الاتحاد المغاربي، كانت الجزائر تسعى حسب ما تشير إليه وثيقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إلى ضمان مقعد لجبهة البوليساريو الانفصالية في الاتحاد الذي يضم المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا.

نشر
الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بنجديد
مدة القراءة: 5'

كانت الجزائر تسعى إلى ضم البوليساريو إلى اتحاد المغرب العربي، قبل أربع سنوات من الإعلان رسميا عن تأسيس الاتحاد في مراكش بحضور الدول المغاربية الخمس.

وتشير وثيقة لوكالة المخابرات الأمريكية يعود تاريخها إلى 15 أبريل 1986، رفعت عنها السرية في 27 أكتوبر 2011، إلى توقعات بعقد قمة مغاربية، وأضافت "يمكن أن يكون الاجتماع المحتمل في ماي بين الرئيس الجزائري بن جديد والملك المغربي الحسن بمثابة نذير لقمة مغاربية أكبر في الأشهر المقبلة".

وواصلت أنه منذ بداية العام، تحدثت دول شمال أفريقيا الخمس ـ المغرب، وموريتانيا، والجزائر، وتونس، وليبيا ـ بشكل متزايد عن "المغرب العربي الكبير" وضرورة عقد اجتماع إقليمي لمناقشة هذا الموضوع.

وأضافت "كان الزعماء في هذه البلدان يتحدثون دائماً عن الوحدة المغاربية، لكن الاجتماعات التي جرت بينهم مؤخراً تشير إلى أن آفاق مثل هذه القمة أفضل من المعتاد".  وأكدت أن "الزخم يأتي في المقام الأول من الرئيس الجزائري بن جديد الذي التقى بالقذافي في أواخر يناير، ويقال إنه يعتزم الاجتماع قريباً مع الملك الحسن".

الجزائر وإقحام البوليساريو في الاتحاد المغاربي

واعتبرت الوكالة أن "عدم اليقين بشأن استقرار التحالفات في المنطقة هو القوة الدافعة وراء هذه الاتصالات، وليس الرغبة القومية العربية أو الرغبة الإيثارية في التعاون. وسوف تهيمن الأجندات الخاصة على أي قمة. وستكون مشكلة الصحراء الغربية محور التركيز الرئيسي لأي اجتماع تحضره كل من الجزائر والمغرب. إن العداوات بين الدولتين تحول دون التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ودائمة".

ونقلت الوكالة عن الرئيس الجزائري قوله في خطاب حول السياسة الخارجية يوم 8 أبريل 1986، "إن اتصالات الجزائر المكثفة مع ليبيا وتونس وموريتانيا في الأشهر الأخيرة شملت مشاورات حول الوحدة الإقليمية. وادعى أن مثل هذا الهدف يجب أن يعتمد على عوامل اقتصادية وسياسية. كما ألمح بن جديد إلى أنه قد يتم الكشف عن مشروع الوحدة قريبا، وأنه سيخضع لاستفتاء عام. وأدلى الزعيم الليبي القذافي بتصريحات مماثلة في فبراير الماضي بعد عدة اجتماعات بين مسؤولين جزائريين وليبيين، بما في ذلك قمته في أواخر يناير مع بن جديد".

"وتم استكمال هذه المبادرات بدعوات تونس لعقد مؤتمر مغاربي وسفر الرئيس الموريتاني الطايع إلى جميع عواصم المنطقة. وكان آخر جهد لجمع الدول هو محاولة الرئيس التونسي بورقيبة في أوائل عام 1985، لكن الجزائر رفضت الحضور لأن جبهة البوليساريو لم تحصل على مقعد في المؤتمر".

وثيقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية

وواصلت الوثيقة "يبدو أن الاتصالات الجزائرية المغربية رفيعة المستوى هي المرحلة التالية من المبادرة الناشئة نحو القمة. وقال بن جديد في خطابه الذي ألقاه في أبريل إن الوحدة في المنطقة لا يمكن تحقيقها دون حل نزاع الصحراء الغربية. وقال الملك الحسن في مقابلة صحفية أواخر مارس إنه يتوقع أن يلتقي قريبا مع بن جديد. قد يستضيف الحسن اجتماعا مع استراحة قصيرة. أفاد دبلوماسيون أمريكيون في المغرب بأن التخطيط للقمة جيد".

وحللت الوكالة الأسباب الكامنة وراء سعي دول المنطقة لتأسيس اتحاد مغاربي، وقالت بخصوص الجزائر التي كانت "الأكثر انشغالا بفكرة الوحدة المغاربية"، إنه "من المحتمل أن يكون اجتماع الرئيس بن جديد مع الزعيم الليبي القذافي، وكذلك اجتماعه المرتقب مع الملك الحسن، نابعًا من جهود بن جديد لكسر الاتحاد المغربي الليبي وتخفيف الضغوط العسكرية على أحد جوانب حدود الجزائر أو كلاهما"، وزادت "لقد عملت تطورات نزاع الصحراء الغربية خلال السنوات القليلة الماضية ضد مصالح الجزائر".

كما أن الجزائر كانت "تواجه تراجعا حادا في عائدات النفط"، و"لا تستطيع بعد الآن تحمل تكاليف تمويل البوليساريو دون وجود أي علامات على أن بن جديد يستعد للاستسلام لمطلب المغرب وبالنسبة للسيادة الكاملة على الصحراء الغربية، فإنه يبدو أكثر مرونة بشأن شروط التسوية. من المحتمل أن تدعم الجزائر درجة من الاستقلال السياسي من شأنها أن تحافظ على هوية الشعب الصحراوي المحلي".

وبخصوص المغرب فالملك الحسن الثاني "كان عموماً متفرجاً على الجهود المبذولة لعقد القمة. ومع ذلك فإنه سيكون على استعداد للقاء قادة آخرين؛ وفي الواقع، يرغب الملك في الانضمام إلى أي مبادرة جزائرية ناجحة لرعاية القمة المغاربية. وطالما أنه يتمتع بالتفوق العسكري في الصحراء الغربية، فمن المحتمل أن الحسن لن يكون مستعداً للتخلي عن المكاسب التي حققها".

موقف واشنطن

وتطرقت الوثيقة لتداعيات إنشاء اتحاد مغاربي بالنسبة للولايات المتحدة، وقالت إن القمة المغاربية التي تضم الدول الخمس تعتمد على نجاح اجتماع بن جديد-الحسن القادم".

وواصلت لقد كانت الجزائر والمغرب خصمين لدودين منذ فترة طويلة، وأي اتفاق بينهما من شأنه أن يزيل الحاجز الرئيسي. وحتى لو مهد اجتماع حسن بن جديد الناجح الطريق لعقد قمة خماسية، فإننا نعتقد أن احتمالات نجاح هذه الدول في حل المشاكل العديدة التي تفرقها ضئيلة".

وأكدت أنه و"باستثناء القضايا الإقليمية والعربية الأوسع، من وجهة نظرنا، فإن الأطراف لن ترغب في تقديم التنازلات اللازمة لحل مشاكل المغرب العربي - وخاصة الصحراء الغربية". وأكدت أن عدم نجاح القمة "يمكن أن يقرب الجزائر من ليبيا ويشجع بن جديد على عقد قمة رباعية، مع البوليساريو أو بدونها".

وأوضحت أن "دفع الجزائر لعقد مثل هذا الاجتماع (بحضور البوليساريو)، وموافقة ليبيا على الحضور، من شأنه أن يضع تونس وموريتانيا في موقف صعب. ولا يستطيع أي من البلدين استعداء جيرانه الأقوياء".

واعتبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن "عقد قمة خماسية والوعد بتخفيف حدة التوتر في المنطقة من شأنه أن يعزز مصالح الولايات المتحدة". بالمقابل فإن "القمة الرباعية التي تهيمن عليها الجزائر وليبيا ستعمل ضد المصالح الأمريكية. وحتى لو عجل المؤتمر بتفكك الاتحاد الليبي المغربي، فإن ليبيا ستكون أقل عزلة، كما أن علاقات طرابلس المعززة مع الجزائر من شأنها أن تعزز المصالح السوفييتية بشكل غير مباشر. المغرب وتونس، الدولتان الأقرب إلى الولايات المتحدة في المنطقة، سوف تجدان نفسيهما مع نفوذ أقل، وسوف تصبحان أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة للحصول على الدعم العسكري والدبلوماسي".

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال