على مدى قرابة أسبوع، قادت وسائل الإعلام الجزائرية حملة دعائية ضد مشاركة المغرب في معرض بنما الدولي للكتاب، المقرر تنظيمه ما بين 11 و17 غشت الجاري، وعنونت الإذاعة الرسمية الجزائرية مقالا لها بـ"معرض بنما للكتاب: رفض مشاركة المغرب تضامناً مع الشعب الصحراوي"، فيما نشر موقع "أوراس" مقالا تحت عنوان "استبعاد المغرب من معرض دولي للكتاب بسبب الصحراء الغربية"، بدوره نشر موقه "الأيام" مقالا معنونا بـ: "دعماً للصحراء الغربية.. بنما تستبعد المغرب من معرض الكتاب الدولي"، فيما تحدث موقع "المساء" عن صفعة دبلوماسية تلقاها المغرب، بعد رفض مشاركته في المعرض المقرر تنظيمه من تاريخ 11 إلى 17 غشت الجاري.
هذه الحملة جاءت مدعومة ببلاغ لـ"جمعية التضامن البنمية مع القضية الصحراوية"، انتقدت فيه مشاركة المغرب في المعرض معتبرة ذلك "إساءة لمبادئ العدالة"، و"اعتداء على ذاكرة الشعوب المناضلة من أجل الحرية".
ووصفت الجمعية المشاركة المغربية بأنها "غير مقبولة" معتبرة أن هذه المشاركة "تفرغ المعرض من روحه، التي ينبغي أن تكون مكرسة للتنوع والحوار واحترام الحقيقة التاريخية".
حملة دون صدى وبنما أقرب إلى المغرب
غير أن هذه الادعاءات لم تجد صدى على أرض الواقع، إذ انطلق المعرض اليوم الاثنين، في مركز مؤتمرات أطلابا بالعاصمة البنمية تحت شعار "نسج الحوارات"، وبحضور المغرب كضيف شرف، في تكذيب لكل ما روّجته وسائل الإعلام الجزائرية.
وأكدت أوريت بيتش، رئيسة "غرفة الكتاب البانامية" المنظمة للحدث، أن الدورة الحالية تمتد لأول مرة أسبوعًا كاملًا، بهدف تجاوز عدد زوار السنة الماضية الذي فاق 104 آلاف شخص. من جانبها، أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية أن جناح المملكة سيحتضن عروضًا تراثية ولقاءات فكرية وفنية للتعريف بالثقافة المغربية وملامح حضارتها، إلى جانب ندوات مشتركة مع بنما.
ولا تقتصر مشاركة المغرب كضيف شرف في هذا المعرض الدولي على البعد الثقافي فحسب، بل تحمل أيضًا دلالة سياسية ودبلوماسية مهمة. فهي تأتي في ظل تحولات عميقة في الموقف البنمي من قضية الصحراء، إذ انتقلت بنما من الاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" إلى سحب هذا الاعتراف رسميًا والإعلان عن دعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. هذا التحول، الذي بدأ مع وصول الرئيس خوسيه راؤول مولينو كوينتيرو إلى السلطة في يوليوز 2024، شكّل ضربة قوية للبوليساريو وحلفائها.
ففي نونبر 2024، أعلنت وزارة الخارجية البنمية، أنه "وفقا لمقتضيات القانون الدولي، قررت حكومة بنما، اعتبارا من اليوم، تعليق العلاقات الدبلوماسية" مع "الجمهورية الصحراوية". وقبل أيام أعلن وزير الخارجية البنمية خافيير إدواردو مارتينيز-آشا فاسكيز، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء.
وتاريخيًا، كانت بنما أول دولة في القارة الأمريكية تقيم علاقات دبلوماسية مع الجبهة الانفصالية سنة 1978، وافتتحت الأخيرة سفارة لها في العاصمة البنمية سنة 2016.


chargement...



