أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يوم أمس الخميس، حوارا مع وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، أوضح فيه أن المغرب يعتبر القرار الأممي الأخير بمثابة "قطيعة" مع ما سبقه، مضيفا أن القرار "حدد الهدف النهائي للمفاوضات: حكم ذاتي حقيقي تحت السيادة المغربية"، كما أوضح الأطراف المعنية، وهي: المغرب، الجزائر، موريتانيا وجبهة البوليساريو.
وأكد الوزير ضرورة تنفيذ القرار، قائلا: "فهو (القرار) يطالب الأطراف بالانخراط في مفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي للوصول إلى حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين". وأوضح أن المغرب يعمل حاليا على تحيين مبادرة الحكم الذاتي، موضحا أنه "في 2007 كان الحكم الذاتي مبادرة دبلوماسية، الآن وقد جعله مجلس الأمن أساسا للحل، فيجب أن يكون أكثر تفصيلا. لقد أصبح خطة وليس مجرد مبادرة".
وكان الملك محمد السادس قد دعا في خطاب له بعد اعتماد القرار 2797 يوم 31 أكتوبر الماضي الأحزاب السياسية المغربية للمشاركة في تحديث وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي للصحراء.
وبشأن الأطراف المعنية بالمفاوضات، قال بوريطة إن "القرار حدد الأطراف الأربعة التي يجب أن تكون على طاولة المفاوضات"، مؤكدا أن المغرب سينخرط بوضوح مع جميع الأطراف كما ينص القرار.
وفي ما يتعلق بموعد استئناف المفاوضات، أوضح الوزير أنه لا يوجد أي تاريخ محدد بعد، قائلا: "المغرب سينتظر تلقي دعوة للتفاوض في الوقت المناسب، لكن ذلك يتطلب تشاورا (…) والقرار يشير بوضوح إلى الولايات المتحدة كدولة مضيفة للمفاوضات، وبالتالي لها دور أساسي أيضا".
تقرير المصير
وفيما يتعلق بتقرير المصير، أوضح بوريطة أن "كون مخطط الحكم الذاتي في صلب الحل يدل على وعي عام بأنه أساس قانوني صلب، ومتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي"، مضيفاً أن دعم دول كإسبانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وهولندا لهذا المقترح يعني أنها "لا تدعم أمراً مناقضاً للشرعية الدولية".
وأشار الوزير إلى أن القرار الأممي لم يربط حق تقرير المصير بالاستفتاء، موضحاً: "القرار يتحدث عن السماح للأطراف بالتعبير عن إرادتها. وعندما توقّع الأطراف اتفاقاً بعد مفاوضات، فهي بذلك تعبر عن إرادتها (…) وعلى سبيل المثال، في موقف إسبانيا من غزة، تقول إنه يجب توقيع اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا تتحدث عن استفتاء لمعرفة رأي الجميع".
وأضاف بوريطة قائلاً: "ليس لدينا أي إشكال مع تقرير المصير، لكننا نرفض التأويلات الضيقة والقديمة والموظفة سياسياً. لم يقل أحد قط إن تقرير المصير مرادف للاستفتاء. هذا غير موجود مطلقاً (…) إذا أردنا قراءة القرار بوضوح، فالأمر بسيط. أما إذا كان الهدف هو التلاعب السياسي، فذلك موضوع آخر".
وتربط جبهة البوليساريو والجزائر بين تقرير المصير وإجراء الاستفتاء في خطابهما، رغم أن الأمم المتحدة كانت قد أكدت في بداية الألفية استحالة تنظيم هذا الاستفتاء، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بين المغرب والبوليساريو حول المعنيين بحق التصويت.
ونفى الوزير وجود "شعب صحراوي" بالمعنى السياسي المستقل، موضحاً: "نحن نتحدث عن سكان. القرار استخدم كلمة people التي تعني سكان في هذا السياق. ولا يوجد شعب بالمفهوم السياسي، بل هناك سكان منحدرون من المنطقة والمغرب يتفاعل معهم".
وعن احتمال قبول المغرب بآلية رقابة دولية لتنفيذ الحكم الذاتي مستقبلاً، قال بوريطة إن "هذه مواضيع قابلة للنقاش خلال المفاوضات"، مضيفاً أن المغرب يعتبر أن المجتمع الدولي منحه ثقته عندما دعم مخطط الحكم الذاتي.
إدارة المجال الجوي للصحراء
ورد بوريطة على سؤال حول ما إذا كان المغرب قد اقترح خلال الاجتماع رفيع المستوى نقل إدارة المجال الجوي فوق الصحراء إلى المملكة، قائلاً: "هذا موضوع وارد بوضوح في بيان 7 أبريل 2022. تم إنشاء مجموعة عمل لتدبير مسألة المجال الجوي، وقد عقدت عدة اجتماعات. أحرزنا تقدماً، وكل اجتماع – بما في ذلك اجتماع اليوم – يتطرق لهذه المسألة (…) وأعتقد أن مجموعة العمل ستجتمع قريباً لدفع الملف أكثر".
وأضاف أن العلاقة الحالية بين المغرب وإسبانيا تقوم على الثقة والاحترام المتبادل والشراكة والطموح، مؤكداً: "لا توجد اليوم أي قضية لا يمكن للمغرب وإسبانيا حلّها في إطار علاقتهما الحالية (…) بالنسبة للمغرب، كل ما هو متجاوز للزمن يجب تحيينه. والمغرب وإسبانيا قادران على إيجاد حلول مبتكرة تحفظ مصالحهما معاً".
أما بخصوص ما إذا كان المغرب يعتبر استمرار إدارة إسبانيا للمجال الجوي بالصحراء أمرا متجاوزا، قال بوريطة: "المغرب ينطلق من واقع بسيط: إذا ركبت طائرة باتجاه الصحراء، فإنك تمر عبر مراكش، ومن الواضح من يوجّه الرحلة. وإذا كان هناك مشكل، فمن يتدخل؟ من يتحمل مسؤولية أمن تلك الطائرة؟ إنه المغرب. في إطار الاحترام المتبادل، يمكننا إيجاد حلول تأخذ بعين الاعتبار مصالح إسبانيا وحقوق المغرب وواقعه السيادي".


chargement...



